حديث الحجر المسبّح

عبد الإله بن مصباح – قسم علوم الأرض – جامعة ابن طفيل – المغرب

لقد كنتُ دائما في مجالات بحثي أتطلع إلى فهم منطق الحجَر، فكنتُ بعد جهد البحث الجيولوجي أجلس إلى نفسي مليا أطلب بحواسي وعقلي استجلاء معاني حديثه، فأجده كل مرة يُعرِض عني في صمت رهيب، إلى أن استهديت إليه بروحي فوجدتُه من وحي الإلهام يحكي حكاً يعجز عنه التعبير برواية الكلام، وكأنه يقول:ما أدركتَه أيها الإنسانُ بحواسك وعقلك أنا أسعُه وإياك لأنني بجسمك محيط، لكن ما سموتَ إليه بروحك هو يستوعبني لأن الروح بي وبالأشياء تُحيط. ألم تسمع لنظْم العارف الرباني الشيخ البوزيدي في وصفه للروح وهو يقول:

فسرّها قد أحاط بالأشياء جملة ۩ وإن كانت بالجسم الأشياء محيطة (1)فقد بلَغ الناسَ أنني سبّحتُ في كف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا معجزة، لكنني بتسبيحي هذا لم أخرق العادة، بل كنتُ وما أزال وسأبقى مسبّحا إلى أن يرث الله الأرض وما عليها. ولك أن تستبين سر تسبيحي هذا من كتاب الوصايا لابن عربي الذي جاء فيه (ص 22): « روي في الصحيح أن الحصى سبح في كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل الناس خرق العادة في تسبيح الحصى وأخطأوا، وإنما خرق العادة في سمع السامعين ذلك. فإنه لم يزل مسبحا كما أخبر الله إلا أن يسبّح بتسبيح خاص أو هيئة في النطق خاصة لم يكن الحصى قبل ذلك يسبّح به ولا على تلك الكيفية، فحينئذ يكون خرق العادة في الحصى لا في سمع السامع، والذي في سمع السامع كونه سمع نطق من لم تجرِ العادة أن يسمعه »(2). وهذا استشهاد يبين لك أن المعجزة ليست في تسبيحي ولكن في سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا التسبيح، لأنني دائما مسبح، وتسبيحي هذا هو دليل حياتي وبقاء أثري بعد مماتي.

هذا التسبيح لا يمكنك أنت أيها الإنسان أن تفقهه بحكم قول الله تعالى: (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم.) (الإسراء 44)، وإنما يمكنك استشعاره نظرا لما تجلّيه لك وسائلك العلمية من مفاهيم مقترنة بطاقتي الباطنية أي بفاعليتي. وهو ما تكشفه لك دراساتك من تطوراتٍ بشأن مادتي التي هي في تغيّر دائم بفعل عوامل التعرية والنقل والترسب التي تحدد علاقة مكوناتي مع مجالها الخارجي، ثم بفعل التفاعلات الكيميائية الحاصلة مع هذا المجال والتي تُفضي عند استقراري، بعد نقل مكوناتي بالمياه أو الرياح، إلى إعادة ترتيب نُظمي بشكل متوازن يتلاءم ومميزات محيطي، ثم في الأخير بفعل ما يلحقه بي النبات والحيوان وكذلك أنت أيها الإنسان من تغيرات بسبب علاقة التبادل القائمة دوما بيني وبين هذه الكائنات، ولا أدلَّ لك على فاعليتي هذه من إصداري لإشعاعات تصنفونها أنتم في علومكم ضمن الأشعة تحت الحمراء والتي ترتكز عليها أقماركم الاصطناعية للكشف عن سطح الأرض.

وعليه فلكي تَفهم سر وجودي وتدرك خصائص مكوناتي التي طالما تغيرت مع الزمان وغبرت في طيات المكان كان لابد لك من استحضار جميع هذه المعطيات المرسّخة في بقاياي والناتجة عن مختلف الأنظمة الفيزيائية والكيميائية والإحيائية التي ساهمت في تحول مادتي وتطورها داخل المنظومة البيئية المتغيرة بتغير الأماكن والأزمنة. وبذلك تكُون مادتي الحجرية التي منها خُلقت أنت أيها الإنسان والتي مهدت لوجود الحياة في الظرفية الزمانية والمكانية لتواجدي مع الكائنات بما فيها أنت، بمثابة شاهد على فاعليتي وتجاوبي معك ومع المحيط البيئي الذي يحضُنني، بحيث إذا أمكنك أيها الإنسان فك الرموز والشفرات المرسخة في ثناياي، ظهر لك ما كنتُ أستنسخه من عملك وعمل الكائنات أثناء وجودها حية على ظهري، نظرا للعلاقة الأزلية القائمة بيني وبينها. فما من عملٍ يُعمل فوق هذه البسيطة إلا وأحفظُه في مكوناتي وأكتُمه في ثناياي، حتى إذا قدّر الإله فنائي أخرجتُ محتوياتي وحدّثتُ بما سجلته من أخبار ساكنتي، وذلك بما أوحى إلي ربي القائل في حقي عز وجل: (يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها) (الزلزلة 5).

فأنا وإن كنت حجرا جامدا في عُرفك، فإنني أتجاوب باستمرار مع متغيرات محيطي الذي أحيى فيه، ويمكنك أن تلمس هذا التجاوب في الهيئة البلورية التي يكشفها لك تحليلي المجهري. هذه الهيئة التي تتألق لك أشكالها وتتلألأ لك أنوارها في نسيجي الصخري، إنما هي مرآة عاكسة للتشكيلات المعدنية المنبثقة من تفاعلات النُسق الكيميائية الناشئة في الوسط الذي يحضُنني، بحيث إذا أخضعتَ مادتي للفحص المجهري وظهرتْ لك معالم هذه الهيئة البلورية في الأشكال البهية والألوان الزاهية التي تختلف باختلاف تركيباتي المعدنية، اتضح لك أن النور الذي تتلألأ به بلوراتي إنما هو انعكاس لسر يُخفيه نظامها الذري الذي من تشكيلته الكيميائية انبثقت تركيبتي المعدنية. فإن أنت سبرت أغوار هذا النظام الذي تآلفت ذراته في جزيئات النسَق البلوري (cristal) المنسجم مع قراري، تحدثتْ إليك مكوناتي بنور مكونها، فتنبهت إلى معنى قول ربي عز وجل: (الله نور السماوات والأرض) (النور 35) وتحيرت في إدراك معنى قوله سبحانه: (مثل نوره كمشكاة فيها مصباح. المصباح في زجاجة. الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار.) (النور 35) بما يوحيه إليك الوصف القرآني من معاني إعجازية بخصوص المغزى من ذكر تلألؤ الزجاجة التي من شكلها البلوري يسطع اللمعان ثم من ذكر الزيت الذي يُضيء ولم تمسسه نار وما دلالة ذلك على أثر الفاعلية الخفية التي كما أودعها الله تعالى في كيان الكوكب الدري أودعها أيضا في كياني وفي كيان المكوّنات التي منها يسري النور الذي به يتلألأ الكون دون أن تُمد بطاقة خارجية. فإذا علمتَ أن ما من ضوء في عالم الماديات، من الشمس إلى الشمعة إلى المصباح الكهربائي، إلا وأصله من شرارة النار، تيقنت أن مصدر النور الذي تضيء به بلوراتي فيضيء ظلمة الوجود إنما هو أثر من سر فاعلية الله التي كما بثها سبحانه في كياني بثها كذلك في كل موجود. ولتأكيد هذا المعنى دعك أيها الإنسان من الوقوف مع ظاهري وانفُذ منه إلى باطني، فإنّ ما تُخفيه عنك بلوراتي من أسرار لَيحمل إليك من الحقائق ما تزدهي به الأرض من أنوار. هذه البلورات إذا تفحصْتَ تشكيلاتها، فستجدها تقوم أساسا على ميزة التماثل. وهي صفة تدل على تطابق وجيهات البلورة في ازدواجية عجيبة التركيب، دقيقة التصميم، تتجلى لك من جميع المستويات عبر محور البلورة أو مركزها، بحيث إذا تسرب إليها الضوء انعكس في جميع الاتجاهات. فإذا أنت استحضرت ما قلتُه لك من كون هيئتي البلورية هي انعكاس لنظامي الذري، فإنك ستقف على مشهد ترى من خلاله أن الترتيب الأساسي لذراتي هو أيضا متماثل، وأن التماثل البلوري الذي منه تسطع أنواري إنما صدر من تناظر ذراتي الذي تحدَّد بموجبه المظهر الجزيئي المؤسس لمختلف الأشكال البلورية المؤصلة لمادتي الصخرية. وهذا ما يُضفي على مركباتي صفة الازدواجية التي عمت كل شيء من الذرة إلى البلورة إلى الصخرة إلى الجبل فالأرض التي تتناظر أطرافها حول مركزها الكائن في نواتها الباطنية. وكل كائن حي من النبات إلى الحيوان إلى الإنسان إنما تأصلت مادته من طينة الأرض التي تشكلت مكوّناتها من تبلور معدني على تلك الهيئة البديعة من التماثل الازدواجي (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذّكرون) (الذاريات 49)، ذلك التماثل الذي تجدُ رمزيته مجسدة في الشكل المكعّب للكعبة المشرفة أصلِ النظام البلوري المكوّن لكل مادة صلبة على وجه الأرض. وذلك سر من أسرار مادتي أتحدث به إليك في دلالة على تفرد الخالق سبحانه بالوحدانية وإضفاء صفة الازدواجية على كل ما سواه حتى تعكس كل تلك المكوّنات وحدة المكوِّن في كيانها، فتكون بنوره قد نوّرت الوجود دالة لك على أنه سبحانه (نور على نور) (النور 35) وأن لولا نوره ما ظهر حق في ظلمة الوجود.

وعلى هذا الأساس تبقى الأسرار التي أتحدث بها إليك معبرةً عن تجاوبي مع المتغرات التي أتفاعل معها. فأنا أنشأ من تلاحم مركبات معدنية أو عضوية أو مزدوجة، فأتماسك وأتصلب ما شاء الله لي أن أتصلب، ثم تأتي عليّ عوامل التعرية فتُضعفني إلى أن أتفتّت أو أتحلّل، فتُنقل مركباتي مع مجاري الرياح أو المياه ما شاء الله لها أن تُنقل وأنى شاء الله لها أن تُصرف إلى أن تتوضّع أخيرا في الأماكن المخصصة لها، فتتماسك من جديد ويقسو نسيجي ثم يعود إلى الليونة مع الزمان بفعل ما تلحقه به عوامل المكان. ولهذا فالله سبحانه لما شبه قلوب الجاحدين بي زاد على ذلك بأنها أشد قسوة مني لأنني قد يظهر عليّ أثر المطاوعة والخشوع مع الزمان بتفاعلي مع عوامل المكان وعلى رأسها الفاعلية المائية التي هي عنصر التأثير المباشر على مجريات أحداثي، كما أخبر بذلك كتاب الله في قوله تعالى: (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله) (البقرة 73)، أما القلوب الجاحدة فإنها أكثر قسوة مني لأنها تتغشّى في غشاوة تجعلها عديمة التجاوب مع أي مؤثر خارجي مهما طال عليها الزمان أو تغير حولها المكان. بل وربما تكون على عكسي تماما، كلما طال عليها الأمد إلا وازدادت قسوة كما جاء في قوله تعالى: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم. وكثير منهم فاسقون) (الحديد 16).

وهكذا فالله عز وجل لما جاءك أيها الإنسان بهذا التشبيه الذي جعل الماء فيه أداة التغيير في مواصفاتي وعلامة التجاوب مع متغيراتي، أراد أن يُظهر لك سبحانه أثر الوحي على ترطيب القلوب من خلال ذكره لأثر الماء على تليين الحجارة، فأضفى صفة الليونة مع الزمان على كل نوع من أنواعي، بحيث رتب لك سبحانه تعليل ذلك في الأصول الثلاثة التي تأصلت منها مادتي والتي تجدُها معتمدةً حاليا في التصنيف الجيولوجي لمختبراتكم العلمية. فجعل سبحانه من أنواعي ما يتفجر منه الأنهار وهو شأن الصخور الباطنية (magmatic) التي تُفجّر عند فورانها من البراكين قبل أن تقسو على السطح أنهارا من مياه حارة وأنهارا من صهارات معدنية مختلفة. وجعل من أصنافي أيضا ما يتشقّق فيخرج منه الماء وهو شأن الصخور المتحولة (metramorphic) الناتجة عن التضاغط الأفقي بين قطع السطح أو عن الكي الناجم عن ملامسة الصهارة الصاعدة من باطن الأرض، ومثلها تجده في الصخور الطينية التي إذا ما وقع عليها إجهاد تجففت بإفراز الماء منها وتنضدت في تورق نحيل (schistosity). وجعل من أصنافي أيضا ما يهبط وهو شأن الصخور الرسوبية (sedimentary) التي بتراكمها على بعضها وتكدّسها (compaction) مع الزمان تنقُص أحجامُها تحت وطء الحمولات المتراكبة فوقها بإفراز ماءها وانسداد مسامها، فتهبط بمقادير تتجاوب مع ثقل ما توضّع فوقها .

وهذا يُعطي لك أيها الإنسان دليلا ملموسا على أن لي فاعلية خفية تعبّر عنها تفاعلاتي الباطنية في تجاوبها مع محيطي الخارجي. وأنت بإيمانك بكتاب الله مدركٌ لهذه الحقيقة من خلال ما جاءت به آياته من إشارات لدبيب الحياة في كل ما خلق الله سبحانه بدليل أن أشياء تحسبها جامدة ستشهد عليك يوم القيامة بما سجلته عليك في حياتك مصداقا لقول الله سبحانه وتعالى: (حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون) (فصلت 19). ثم أنت بتحصيلك العلمي تلمس كما بينتُ لك ذلك أن مركباتي مكونة من جزيئات تتشكل كل منها من ذرات متماسكة في تنظيم دقيق تُشكل الذرة فيه نظاما دائريا بديعا توجد في مركزه النواة، وهي التي تحمل المادة المشعة أصل الطاقة في كياني، وحولها تدور الإلكترونات في اتجاه معاكس لدوران عقارب الساعة. هذا الدوران الذي هو سر فاعليتي، يتناسق اتجاهه التناسق التام مع الاتجاه العام الذي تدور به الأرض حول محورها والقمر حول الأرض والأرض بقمرها حول الشمس وكل الكواكب في مجراتها حول شموسها، بل ويذكّر بالاتجاه الذي يسلكه الطائفون حول الكعبة من حجيج بيت الله الحرام والذي أوحيَ به للطواف بالبيت العتيق منذ أن أقيم فوق هذه الأرض. فهل تأملت أيها الإنسان في هذه الأسرار العجيبة التي أُخفيها في مكوناتي وهل جليَتْ إليك من إشاراتي ما يدلك على ذلك التناسق العجيب التي تُبديه الأشياء بين ظواهر كونية وإيحاءات ربانية ؟

إن حديثي هذا إذا تأملتَه وجدتَه يُجلّي لك معاني كثيرة، لكنه يتمحور حول مغزى واحد يفيد بأن تسبيحي ليس شيئا خارقا للعادة وإنما هو شيء ساري في الكون، لكن الخارق للعادة هو أن تصل بحسك وعقلك أيها الإنسان إلى فهم هذه الإصدارات التي تقع على مستوى ذبذبات صوتية لا تستوعبها حواسك، ولهذا أطلبك أن ترقى إلي بذوق روحك لأنني بتجاوبي معك أسجل عليك بكل ذرة من ترابي آثار ما قدمت يداك وخطت رجلاك. ففي قول ربي سبحانه: (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم) (يس 11) ورد في تفسير ابن كثير (ص 543) : « جاء عن الإمام أحمد أنه خلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم « يا بني سلمة ديارَكم تُكتب آثارُكم ديارَكم تُكتب آثارُكم »(3). وتلك إشارة إلى أنني أحفظ في سجلاتي على بني آدم بكل ذرة من ذراتي آثار حركاتهم وسكناتهم. فلتنظر أيها الإنسان أين وضعتَ خطواتك وما قدمتَه في حياتك. ولك كما تعلم في السيرة النبوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبّل الحجر الأسود كثيرا، حيث جاء في كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي رحمه الله (ص 242، ج 1) : « أن عمرا رضي الله عنه قبّل الحجر الأسود ثم قال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ثم بكى حتى علا نشيجه فالتفت إلى وراءه فرأى عليا كرم الله وجهه فقال: يا أبا الحسن ها هنا تسكب العبرات وتستجاب الدعوات. فقال علي رضي الله عنه يا أمير المؤمنين بل هو يضر وينفع، قال وكيف ؟ قال: إن الله تعالى لما أخذ الميثاق على الذرية كتب عليهم كتابا ثم ألقمه هذا الحجر، فهو يشهد للمؤمن بالوفاء ويشهد على الكافر بالجحود »(4). وذلك هو المغزى من قول الناس عند استلام الحجر في الطواف: اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك. فالذي أوجدني لك أيها الإنسان وسخرني لك لم يخلقني عبثا بل كل ذرة من ذراتي وما تَشكَّل منها من مكونات إلا ويتفاعل معك ويتجاوب مع وجودك بسر وحدة التسبيح التي أنطقُ بها أنا وتنطق بها أنت وكل الكائنات في هذا الكون، وبسر خاصية الشهادة التي كُلِّفتُ بها تُجاهك.

وهكذا فمِن خلال استقراءك لسر ما أخفيه في مكنوناتي، ومن خلال إدراكك لمغزى فاعليتي، أدعوك لتفهم حقيقة وجودي. فاعلم رعاك الله أن حديثي هذا إنما جاء تثبيتا لسر هذه الحقيقة في يقينك أنت أيها الإنسان صاحب الفكر والروية، لتعلم أنني مخلوق مثلُك، مسخّرٌ لك وشاهدٌ عليك.كما تحدثتُ إليك بدقائقِ ما لم تكن تعلمُه من مكامن الأسرار، فكذلك سأتحدّث عنك يوماً بأخبار ما سجّلتُه عليك من غابر الآثار.

المراجع البيبليوغرافية

  1. شرح تائية البوزيدي في الخمرة الأزلية لأحمد بن عجيبة (ت 1224 ه ) – الدار البيضاء: دار الرشاد 1998.
  2. الوصايا لابن عربي الحاتمي (ت 638 هـ) – بيروت: دار الجيل 1988.
  3. تفسير القرآن العظيم لأبي الفداء عماد الدين إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت 774 هـ) – بيروت: دار الفكر.
  4. إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي (ت 505 هـ) – بيروت: دار المعرفة.

Lire aussi

FLORENCE BERGEAUD-BLACKER OU LES FANTASMES FUNESTES DE L’ISLAMOLOGIE SÉCURITAIRE

Par Roland LAFFITTE L’anthropologue du CNRS Florence Bergeaud-Blackler vient de publier Le Frérisme et ses …