ما هي إذن مشكلة فرنسا مع الإسلام؟

جمعت قضية إقصاء الدّين و بالأخصّ قضيّة الحجاب ساعات طويلة من النقاش التلفزيوني و صفحات عديدة في الجريدات اليومية و المجلّات. قوانين تم إصدارها لمنع «الرموز التفاخرية»، و تمّ منع نساء متحجبات من رعاية الأطفال
كشفت دراسة « المؤسسة الفرنسية للراي العام » لجريدة الأحد أن ٧٥٪ من الفرنسيين موافقين على منع كل مستعملي الخدمات العمومية من ارتداء «الرموز الدينية التفاخرية». لكن ما معنى «رمز تفاخري»؟ أهو كل ما ما يمكن أن يرشد إلى أنّ الفرد مسلم؟
يؤكّد ميشال أونفراي فيلسوفٌ في الوسط الإعلامي في لقاء أجراه لمجلّة كلوزر: « يطلب الإسلام بوضوح عولمة عقائده و بصفتي مسلم و غير كاره لليهود و لا للمثليين و لا للنساء و ضد السلطة الذكورية و متآمر على «القيم» الموجودة في العديد من السّور القرآنية، أرى أنّ الوضع مقلق »
١٢٠٠٠٠ قرّاء يتداوالون النماذج الأولى لرواية ميشال هوليباك تحت عنوان «الخضوع» في مدّة لا تتجاوز ٥ أيّام. وتتهجّم الرواية على المسلمين. و لقد قاد تصويت في سويسرا إلى اقصاء منارات المساجد من الهندسة المعمارية السويسرية.
يعتبر الإسلام الديانة الأكثر تشويها، ربما بسبب حيويتها

كونوا أخفياء
و الحديث يخصّ المسلمين و ليس إلاّ. صرّح ميشال أونفراي نفسه في كتابه «معاهدة الأنتولوجية» : «تشترك كل ديانات التوحيد، المحفزة من طرف الدافع المشترك المتمثل في قتل النساب، في سلسلة من الكراهية المتطابقة وهي كراهية الحق و الذكاء، كراهية الحرية ، كراهية الكتب بإسم كتابهم الوحيد و كراهية الحياة». و إذا كان الإسلام يغضب أكثر الكاتب مقارنة باليهودية و المسيحية فهذا يعود لسبب«أنّ الديانة الأولى لا تتضمن نشر العقيدة و أنّ الديانة الثانية ليس بوسعها ذلك.»
عضو منتخب من منطقة الجنوب الغربي صرح أن أمّه مسيحية دينها محافظة لم تعد تتجرأ الحديث عن عقيدتها أمام الجميع خوفا من أن يتم رأيتها كمتعصبة أو كحمقاء
يشيد إيريك زيمور كل مرة على الهواء على إقصاء كل ما يعبر عن الدين من الحياة الشخصية للفرد كما يُفعل بمرض خبيث
بصفة عامة، بإمكانكم أن تكونوا مؤمنين إذا أعجبكم الأمر، مهما كان الأمر مفيدا و لكن لا تظهروا ذلك. كونوا أخفياء
جمع مؤتمر اليوم التاسع عشر من سبتمبر ٢٠١٩ في باريس، مسؤولين عن كلّ الدياناتو ذلك  بهدف الإمضاء على بروتوكول للتفاهم و كذلك مكافحة الإرهاب من أجل السّلم.  و رفض رئيس الجمهورية و حكومته حضور المؤتمر. هل إتّفاق الديانات على فكرة السّلم و التضامن تهديدا لعلمانية مؤسسات بلادنا إلى هذا الحد؟
من المحتمل أن حضور الأمين العام لرابطة الإسلام العالمي و رسالته الجمهورية (« يجب على المسلمين إحترام قوانين بلدهم» قول محمد بن عيسى ) لم يحضيا بترحيب لأولئك الذين يستمتعون بقول أن كل المسلمين إرهابيين صاعدين بقوة<

لماذا لا يعتبر مشكلة في البلدان الأخرى هو عندنا مشكلة ؟
بالرغم من ذلك فإن الأمين العام لرابطة الإسلام العالمي كان جدّ مرحب به في لندن و روما و برلين و نييورك بالإضافة إلى الكنيس الأكبر
و بمناسبة الكريسمس في لندن، كان يتواجد شبابين في مدخل متجر الأبل ستور يقدمان حقائب من الورق؛ من بينهما فتاة مرتدية الخمار، والثاني رجل يرتدي جلابة.
كما يوجد في كندا مسابح مخصّصة للفتيات بالبوركيني حيث يوجد كذلك نساء يرتدين البيكيني. و لا يسبّب الأمر الدّهشة
و في بولقار بروسيا، تقع الجامعة الإسلامية و مسجدها مقابل الجامعة الأرثودوكسية و كنيستها. تتبادل المؤسستان الأساتذة و الطلاب باستمرار. و يتم تدعيم كلا الجامعتين من طرف الدولة. ولا يزال يطلب من الطبيبات بنزع خمارهن عند العمل. أمّا في لندن، قامت الوزارة العممومية للصحة  بتقديم رسالة شكر و تكريم للطاقم الطبي المسلم ل«وقوفه في الصف الأول أمام جائحة الكوفيد ١٩ بالرغم من صيام شهر رمضان.»
 و يرى الناّس في فرنسا كلّ مسجد مشبوه بإلجاء مجاهدين إرهابيين في ساحته العشبية. يوجد في برلين كنيسات مستعارة من المسيحيين للمسلمين . (شاهدوا الفيديو الخاص بنا بالمناسبة)
و في ضواحي فرانكفوت، قام متجر شركة إيكيا بإعارة مستودعه لأهل المسجد المجاور له لكي يكون بوسع المصلين تأدية صلاة عيد الفطر مع إحترام المسافة الصحيةالمحددة بين الأفراد
ماهي إذن مشكلة فرنسا مع الدين؟ لماذا ما لا يعتبر مشكلة في البلدان الأخرى يعتبر عندنا مشكلة؟

الوجه الأجنبي
بعيدا عن محو حكم الكنيسة التاريخي في فرنسا، المتزامن مع علاقات الدعم و التعارف المتبادل بين النظام الملكي و الكنيسة ، و عن التفاعل بين الطرفين الذي جعل من فرنسا «البنت الكبرى للكنيسة». بعيدا عن الأفكار الثورية الّتي قضت على الطرفين، فلفرنسا تقليد آخر من تقاليدها المحزنة ألا و هو حب اختراع بدلاء للإتّهام بحيث مجرّد القضاء عليهم يحلّ مشاكلنا و تهدئة التوترات و بناء روح الوطنية. أجل، بئس العادات
يوصف المسلم اليوم بنفس الطريقة الّتي وصف فيها إيدوارد درومون الرجل اليهودي في زمن قضية دريفوس أي بمعنى «وجه أجنبي» من جهة، و الإسلام  بمعنى دين الغرباء من جهة أخرى.
بمناسبة المقال الذي الذي ظهر في عناويننا المتعلقة بالعلمانية، قامت أوساط الموقع الإجتماعي تويتر بالرد بغضبٍ على المقال مع توظيف نفس الحجج :«نرجو منكم عدم التدخل في الحكاية التي كتبتها فرنسا». « لماذا يأتي سكان إفريقيا إلى هنا بدل البقاء في منازلهم؟» الخ…
و كأنّ الفرنسيون لا يعلمون أنّه بامكان المسلمين الفرنسيين أن يكونوا فرنسيين و مسلمين معا
صحيح أن العنصرية و كراهية الغرباء ليستا ظاهراتان جديدتان. هما عبارة عن فيروس يحمله الفرد أو مجموعة من الأفراد. و تعطي نظرية «التحويل الأكبر» التي يحفزها رونو كامو للمسلمين القدرة على تحويل العالم. فإذا كانت الديانة اليهودية لا تدعو إلى نشر العقيدة، فلقد كان الناس الكارهين لليهودية في القرن الماضي يتهمون اليهود بالتخطيط في السر من أجل السيطرة على العالم. اليوم أيضا لا تزال«بروتوكولات شيوخ سييون »تعمل في الخفاء. قد تتغير الحجج و لكن يبقى الهدف نفسه
و مع ذلك فسيبقى من الخطإ إعتقاد أن مسلمي اليوم أي يهود الأمس هم وحدهم الضحايا. بعيدا عن ما قاله آراقون « من يؤمن بالإله، و من لا يؤمن به» فاليوم، الإنسان المؤمن هو المتهم الأكبر

رفض الروحانية
في الحقيقة،يعتبر الحديث الذي يحمل عداءا للإسلام لعبة بيلياردو بالنسبة لحاملي إيدولوجية النظام العلماني؛ بحيث يتم تعيين الإسلام كهدف من أجل الإيطاحة بكل الديانات أو حتى كل ما يتعلق بالروحانية و إن كان خارج الدين
نشرت جريدة لاكروا يوم الثلاثاد ٢٩ أوكتوبر أثناء تدشين معهد للتواصل الإجتماعي بباريس، تصريح جويل مرقي :«لا يجب على شبابنا ،الذي يطلب فقط بناء مستقبل له من دون ترك إيمانه، الوقوع كضحايا علمانية تحارب في نفس الوقت الإسلام المتطرف، الذي ليس دينا و لكن إيديولوجية سياسية.»
يقع عالمنا بين المادية و الإستهلاك، حب الأرقام و كذلك وضوح الكمية، وهو غير قادر على إيصال القيم للأجيال القادمة. و من الممكن أن تتمثل محاربة الديانات في البعد عن الروحانية، و رفض فكرة التغير التي يحملها بعض المفكرين العصريين. يبدو أن العالم المريض الذي نعيش فيه يستعمل حجة المنطق هاته ضد الشعائر الروحانية من أجل المجد، و كأن هاته الشعائر الروحانية غير متطابقة مع المنطق

كان ريني قينون يقول في جريدة دفاتر الشهر سنة ١٩٢٥: «لا يمكننا بالرغم من كل شيء إنقاذ مريض لا يريد أن يتعافى؛ و الأكثر سوءا فإن العالم الغربي مسرا على عافيته و بعيدا كل البعد عن الإعتراف بأنها مرض، و هو يستعمل هذا المرض من أجل مجده كأنه تفوق.»
من واجبنا عدم الإستماع لمن يصرخ بالكراهية. لنفضل أقوال الباب فرونسوا المحضرة من الأب أونتوان قينهايم أثناء اللقاءات الإسلامية و المسيحية بينهما سنة٢٠١٩ :«يساعد الإيمان صاحبه في رأية أخاه و في حبه و الوقوف بجانبه»

Lire aussi

L’ORGUEIL ET LA SURESTIME DE SOI, PAR CHEIKH OMAR DOURMANE

L’orgueil est une maladie qui peut atteindre les êtres humains, mais aussi les groupes ou …

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *