التقيّة

ماهي التقيّة؟
تعتبر فكرة التقيًّة من الأفكار الأكثر استعمالا من معارضي المسلمين لاثبات نفاق الإسلام . و بالمناسبة عندما نبحث عن الكلمة في موقع غوغل ، تظهر كلمة «اخفاء»،«غدر» و«خداع»، إضافة إلى مقالات متعلقة بالجهاد و داعش.لماذا؟

تعريف التقيّة
مصطلح تقيّة من اتّقى يتّقي تقيّة و يعني «الخوف» و «الحذر». بالرغم من أنّ الكفر بالإيمان في الإسلام و كل الديانات من الكبائر .يسمح الإسلام للمسلم بإنكار عقيدته استثناءا عند تهديده بالموت أو عند التعرّض للإضطهاد سواءًا من طرف فرد أو مجتمع (عندما يكون المسلم ضحية التطرف على سبيل المثال) . التقيّة مستعملة كثيرًا عند الشيعة في حالة جد مختصّة. عند آصحاب السّنة أي عند الأغلبية المسلمة، يتم تطبيق التقيّة إلا في حالة واحدة و هي : عند تواجد المؤمن في خطر كبير لقوله تعالى : «مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ» سورة النحل ( الآية ١٠٦)

يقول حديث صحيح أن هذه الآية نزلت بعد حادث اضطهاد أشراف مكة للفئة المسلمة الأولى. كان الأشراف يتنعّمون من أموال الحجّاج الذّين كانوا يأتون لعبادة إلههم أمام الكعبة التي كانت تفقد مع مرور الزمن غاية إبراهيم عليه السلام من بنائها و أصبحت معبدا وثنيا. لهذا كان إسلام التّوحيد يشكّل تهديدًا حقيقيًّّا لهذه التجارة.
بدأ أهل مكة بحملة القضاء و احباط أصحاب الرسول . كل من ألقي القبض عليه ، يتم تعذيبه حتى يرّد إلى كفره ، و إن لم يفعل ذلك فسيلقى الموت. أحد أشهر المعذّبين كان يدعى بأبا جهل و هو رجل ذو قسوة كبيرة. ألقى القبض على عمّار ابن ياسر؛ من الأوائل الذين أسلموا ، كما قبض أيضا على والديه الذّان اعتنقا الدين الجديد. رفضت سميّة أمِّ عمّار الإرتداد عن دينها و نالت القتل من أبا جهل الذي قتل أيضا أب عمّار و أخاه . و لقد نال عمّار ابن ياسر عذابا شرسا لدرجة قبول شرط الكفار و ارتداده عن الإسلام و إشراك الآلهة المكيّة إلى الله، و تمّ اطلاق صراحه عندها.
أتى إذن للرسول و أخبره باكيا أنّه لم يعد جديرا به لأنّه قد خدعه، فسأله رسول الله كيف كان قلبه عندما ارتّد عن الإسلام. فأجابه عمّار «كان قلبي مطمئنا بالإيمان». فقال له رسول الله «إذاعذّبوك مرّة أخرى فقل لهم نفس الشيء». و بالتّالي نزل من القرآن ما يؤكّد أن الإرتداد عن الدين بعد العذاب لا يبطل إيمان المؤمن .

فكرة محرّفة :
معنى التقيّة واضح: هي الحقّ في إخفاء الدًين فقط إذا ما تعرّض المؤمن أو أهله للإضطهاد.
و لكن في التسعينات، حاول بعض الكتّاب بالأخص من اليمين المتطرف تغيير معنى التقيّة: و أصبحت تعني إخفاء المسلمين لنواياهم الدينية عند ارتكاب الجرائم . بعد هجمات اليوم ١١ سبتمبر ، تم ربط المعنى الجديد للتقيّة بصفة عفوية إلى مجموعات متطرّفة كالمجاهدين و القاعدة و داعش.

و بهذا المعنى الجديد و مع العلم أن التقيّة مأخوذة من القرآن، أصبح من السّهل إذن لأصحاب الآراء المعادية للمسلمين اتًهام المسلمين بكونهم كاذبين و منافقين عند الضرورة أو اتًهامهم باستعمال «اللغة المزدوجة». يمكًنهم هذا أيضا من الإشارة إلى «سذاجة» أولئك الذين يريدون الوثوق في مصداقية الكلام السّلمي و الأخوي للمسؤولين المسلمين.
و هكذا تمّ اصدار عدّة كتب في آلأعوام القليلة الماضية، تحت عنوان بسيط :«التقيّة». و يرى إلى هؤلاء الكتّاب الموصوفون غالبًا بناشري العداء على الإسلام أنّهم علماء مختصّون في الإسلام، و هم غالبا من آصل عرب مما يعطيهم بعض المصداقية. ولهذا يتم استضافة هؤلاء في الحصص التلفزيونية أو في عناوين الصحف.

كما يقول الشّاعر روديارد كيبلينغ سنة ١٩٠٩ في قصيدته بعنوان (ستكون رجلا…يا بني) :
«إذا سمعت محتاجين يحرّفون كلامك لإسعاد الحمقى …فاعلم أنّك ستكون رجلا يا بني »

Lire aussi

حديث الحجر المسبّح

عبد الإله بن مصباح – قسم علوم الأرض – جامعة ابن طفيل – المغرب لقد …

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *