تلك الفتاة الّتي ترتدي الحجاب والأخرى الّتي لا ترتديه (الجزء الأول).

أصبحت فرنسا البلد الوحيد الّذي جعل مِن ارتداء الحجاب قضيّة اجتماعية خطيرة. يتحّدث الكل أو تقريبا الكلّ عن هذا الموضوع، يحدُثُ ذلك غالبا باسم المرأة أو بدلا عنها فالكلّ يعبّر… ما عدا النساء المسلمات الاّتي قليلًا ما تُعطى لهم فرصة التعبير. فيمايلي شهادة فتاتين لا تنتميان لأيّة منظمة، وليستا مدعمتان لأيّ تيار، هما فقط فتاتان مسلمتان ترتدي إحداهما الحجاب والأخرى لا ترتديه

قصة كاتيا.

كاتيا فتاة مسلمة ممارسةٌ لدينها لكنها لا ترتدي حجابا. لماذا؟

لأنها تخشى تصاعد الإسلاموفوبيا في فرنسا. عندما يمنع السياق السياسي والإجتماعي الفرنسيات من حريّتهن في ممارسة دينهن.

هذا لقاء مع كاتيا.

هل سبق وأن وقعت ضحية الإسلاموفوبيا أو محاباة بسبب ملتك؟

لا ليس بطريقة مباشرة لأنّي لا ارتدي رمزًا دالّاً على ديني.

نادرا ما تحدثت عن اعتقاداتي الدينية خارج كلية العلوم الإسلامية أو مع النّاس الذين ليسوا بالمقربين إليّ..

لماذا اخترت عدم ارتداء الحجاب؟

في الحقيقة لا أشعر حاليا في مشوار تقرّبي إلى اللَّه أنّي في حاجة لارتداء الحجاب. لا أعتقد أنّ ارتداء الحجاب سيجعل منّي مسلمة جيّدة أو سيّئة.أنا مرتاحةٌ عندما أطبّق ديني على هذا النحو. ولكن لا أستبعد أني قد أقرّر يوما ارتداء الحجاب وسَأَعرِف عِندَها أنّي سَأقَعُ ضحيََّة الإسلاموفوبيا بسبب السياق السياسي والإجتماعي الحالي. ربما ستتغير حياتي وتصبح أصعب. يجب أن استعدّ لهذا ولا شعر أني جاهزة لِخَوضِ التحّدي .

ما الذي يمكن أن يغيّر حياتك اليومية إذا ما ارتديت حجابا؟

أتمنّى أن أنجح في دراستي حتى أصبح محامية. و سأدرك عندها أنّي لا يمكنني ارتداء الحجاب متّى أريد و سأكون إذًا مضطّرة لنزعه كلّ مرّة في النقل العمومي قبل أن أصل إلى العمل. إنّه شيءٌ مؤسف ولكن الآن أنا كاتيا المسلمة « التي تذهب حيثما تريد » ومقبولة من طرف الجميع. إذا قرّرت وضع الخمار، فسأتوقع أنّه سيتّم رفضي. سأتوقّع أنّه داخل وسطي المعيشي احترافيا كان أو اجتماعيا أيْ مَعَ أصدقائي غير المسلمين، ستتغير وجهة النظر إلي. يجب أن أتسّلح مَعنويا لمواجهة الأمر..

 عندما لا يكون شعري محلقًّا بصفة جيّدة، ارتدي عمامة أحيانًا. وهذا عادة ما يجذب إليّ مجاملات النّاس لأنّ العمامة تنسجم مع الموضة. ولكن في حال إذا ما وضعت غطاءا على شعري لسبب ديني، فمِن الممكن ان يتغيّر تصرّفُ النّاس معي بالرغم من أن شعري مغطّى في كلتا الحالتيْن وأنّ دوافعي يخصّونني أنا فقط…

 بعضٌ مِن صديقاتي الّاتي يضعن الحجاب تعرّضن لتصرفات كارهة للإسلام كدفعهن في الشوارع، أو محاباة غيرهن في إيطار العمل أو في شبكات التواصل الاجتماعي. أعلم للأسف أنّي سَأواجه نفس المشاكل ولا أشعر أني جاهزةٌ بعد لمواجهة هذه الصعوبات خاصّة بعد العنف الإجتماعي الذي سبّبه ارتداء الحجاب.

ما هو شعورك كمسلمة تجاه ردود الأفعال الكثيرة الّتي تدورحول ارتداء البوركيني و الحجاب مُنذ الأشهر القليلة الماضية؟

بصراحة، أشعر بالقلق لأنّي أرى أنّ هناكَ عداءٌ صاعدٌ ضدّ الإسلام ولا يمكنُ أبدًا للسّلطات الفرنسية التحكم فيه. يعتبر المسلمون الفئة الوحيدة التي تكشِف عن التعصّب والعنف والتهميش في المجتمع والخدمات الإدارية. لا مكان لكل هذه المشاكل .!

كما كُنتُ أقول، عندما أضع عمامة، كل شيء على ما يرام ذلك بأنّه يرى النّاس أنّ ارتداءه يعود لأسباب جمالية، قد أكون ملحدة في نظرها . ولكن إذا ما قرّرت أن أغطي شعري لسبب ديني، فمِنَ الممكن أن تستدعيني الشركة الّتي أعمل عندها لتذكّرني بالقوانين الداخلية أو بإمكانها أن تطبّق مبدأ الإنحياد ضدّي.البوركيني ليس أكثر خطورة من الحجاب، ارتداءه يخصّ فقط من تحمله !

بعض ممثّلي الإسلام في فرنسا يروْن أنّ ارتداء البوركيني طعنٌ واستفزازٌ للجمهورية. ماذا تعتقدين؟

سأقول لهم أنّ هذا اتّهام سببه الجهل!  كل النسّاء الاّتي قابلتهنّ شخصيّّا يرتدين حجابا سواءٌ كُنَّ مِن بين صديقاتي، أو أفراد عائلتي أو ممَّن أُجالس في كليّة العلوم الإسلامية. و هنّ يفعلن ذلك بإيمان وإرادةٍ الشخصيّة.

كل هذه الصّورصُوَر ٌنمطية تنتمي إلَى خيالٍ أوروبي يرى المرأة المسلمة خاضعة وتحت سيطرة الرجل. كلّ من يعتقد أن النسّاء المسلمات في أوروبا أُجبِرْنَ على وضع الحجاب هم غالبا أولئك الناس الذين يضعون أنفسهم في « مهام حضاري »لإنقاذ قومٍ مظلوم تمّ منعه من « استغلال » التراث التاريخي و النمطي للعالم الغربي. لحُسن الحظّ، كلّ هذا التفكير النييوليبرالي يَختفي اليوم. يبقى الأمر كلّه في النهاية كذِباً لتبرير التعصّب تجاه قضيّة ارتداء الحجاب.

هل تحسّين كإمرأة مسلمة أنّه بِوُسعِك العيش وممارسةُ دينك بحرية في فرنسا؟

 انا أمارسُ ديني في حياتي الخاصّة اليوم. لا أشعر بإزعاج عندما أذهب وأمارس ديانتي في الأماكن المُخَصّصة لذلك. ولكنّنا نُواجه دائمٍا ممنوعات في الوسط العام. إذن في الأخير لا أشعر بأني حرّةٌ تماما.

هذا يشبه عدم ارتداءي للحجاب في الوقت الحالي لأنّي أتوقع للتوّ تعصبًّا ضدي. مجرد التفكير في الأمر يطعن حريتي!

ماذا تتمنين للمسلمين حتى يتقبّلَهم المجتمع الفرنسي؟

لا يجب على المسلمين أن يروْا أنفسهم كفرنسيين من الدرجة الثّانية. ليس مِن الضروري أن يُثبتوا أنّهم محلّ ثقة ومسالمين على عكس باق المواطنين كي يعفو عنهم الغير أو يتقبّلهم  .

يجب إذن أن يتم الاعتراف بمصطلح الإسلاموفوبيا كي ينتهي إنكاره.

في رأيي، الحكومة وراء هذه التَفرِقة. مشكلة الدين و الإسلام و الأكل الحلال و شهر رمضان والبوركيني موجودةٌ في الوسط الإعلامي. هذا يُخفي مواضيع أكثر أهميّة كالبطالة والقدرة الشرائية للفرنسييّن. يُتّهمُ الإسلام دائما في فترات التوتّر الفرنسية. يجب أن يتغيّرَالأمرُ..

Lire aussi

L’ORGUEIL ET LA SURESTIME DE SOI, PAR CHEIKH OMAR DOURMANE

L’orgueil est une maladie qui peut atteindre les êtres humains, mais aussi les groupes ou …

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *