فوضى المواقف الفرنسية المتضاربة إزاء القضايا المستجدة.
منذ بضعة اشهر، يراودنا شعور ان القرارات الحكومية الفرنسية تؤخذ مرتجلة على وجه السرعة، قصد إعطاءإجابة سريعة لحدث يهز العالم بأسره، إنها ردّة الفعل بدل التفكير.
المماطلة حول موضوع ارتداء الكمامة في بداية الوباء، اغلاق المكتبات والابقاء على محلات بيع الخمر مفتوحة، فتح منتجعات التزلج والابقاء على المصاعد الميكانيكية فيها مغلقة
التحرير المستعجل للمادة 24 من مشروع قانون « الامن الشامل » و تداعياتها المعروفة
تحديد سعة أماكن العبادة بـ 30 شخصا، بينما مئات الزبائن بإمكانهم محاذاة بعضهم في المحلات التجارية والأسواق، …الخ
مراسيم وقوانين اثارت تساؤلات المواطنين ورفضت في آخر المطاف من قبل مجلس الدولة( الهيئة العليا التي تنظر في التشريعات المتنازع عليها )
وضعية لخصها المفكر « بوالو » في علاوة : « اسرع ببطء وتأنٍّ… »
موضوع الإسلام في فرنسا لم يكن استثناء، حيث تم خلط السرعة بالاستعجال في ملفاته. فبعد مقتل المدرس « صامويل باتي » تخبطت الحكومة في قرارات تبدو اعتباطية و غير مدروسة: بدء باغلاق مسجد مدينة « بانتان » بسبب ان احد مسؤوليه كان قد شارك على صفحته الخاصة ( وليست صفحة المسجد) شكوى الاب الذي احتج من خلال مقطع فيديو على تصرف المدرس « باتي » حين عرض رسوم كاركاتير « جريدة شارلي » التي تمس نبي الاسلام في فصل ابنته ، الاحتجاج الدي افضى للقتل المشين للمدرس للأسف.
ثم جاء طلب وقرار حل الجمعية الاغاثية « بركة سيتي » والجمعية الحقوقية (س.س.ا.ف) الإئتلاف ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا.
فبالنسبة لهذه الاخيرة، بغض النظر عن كون هذه الخطوة عديمة الجدوى، بما ان الكل يعلم انها ستعود للظهور تحت اسم آخر، فإن الأوساط المقربة من وزارة الداخلية تُقِرّ خفية ان السبب الحقيقي وراء هذا التفكيك كان راجعا لاسم المنظمة ، لأن هناك رغبة في إنكار وجود الإسلاموفوبيا، وهو ذائع في أوساط اليمين المتطرف الذي استوعب ايمانويل ماكرون في حركته جزءا من أفراده
فليرجع القرّاء الى مقالات جريدة الفرنسية اليمينية القيم الحالية valeurs actuelles : « الهجرة، البديل الاكبر، ماكرون يعيد في سرية معادلات اريك زمّور و رونو كاموس » « المحاور: اـسلا ـ مو ـ فو ـ بيا » حسب الصحفي مارك اندويلد ـ « المتلاعب الاكبر » 2019
و الامر لم يتوقف عند هذا الحد ، بل أخذ منحى خطيرا حيث أن أطفالا مسلمين في عقدهم الاول تم وضعهم تحت الحراسة النظرية بتهمة « مساندة الارهاب ».
وهو ما دعا 38 مفكرا يهوديا او من اصل يهودي، بقيادة الطبيب والناشط » روني برومان » الرئيس السابق لأطباء بلا حدود، الىًكتابة عريضة احتجاج صحفية قارنوا فيها تلك التوقيفات بتلك الانتهاكات التي عاشها الأطفال اليهود تحت حكم الماريشال « بيتان » حيث تم ادانتهم ومن ثم ارسالهم الىًمعسكرات الموت
و كانت الوثيقة التي وجهها تلك الشخصيات بمثابةًقرع لناقوس الخطر للتحذير من المنحى الذي يأخذه الامر والذي لابد سيؤول اليه إن لم يتم تداوك الأمر وتصحيحه
: تقول العريضة
« يجب حماية الأطفال المسلمين وغيرهم »
الطفولة لا يمكن ان تُعامل بالإدانة بل بالتربية بالحماية
منذ اغتيال سامويل باتي ، اتُهم مئات الأطفال والمراهقين بمساندة الإرهاب ، وتم إبلاغ السلطات رئيس بذلك أمام العدالة . بعضهم ورغم انهم مازالو في طور التعليم الابتدائي الا أنهم أمضوا يومًا كاملاً في الحجز ، واستمع إليهم في مركز الشرطة. وقد تم تفتيش واستجواب آخرين ، أحياناً لمجرد حيازتهم ورقة عليها كتابات باللغة العربية.
[…]
« …اننا اليوم ومنذ أكثر من عقدين ، نشهد تسارعًا في استهداف الأقلية المسلمة في فرنسا. وهاهي اليوم تتخذ منعطفاً مخيفاً اليوم ، في فترة لا تزال تتراكم فيها مشاعر الغضب لدى الفئات الدنيا اجتماعياً.
مواقف الحكومة وإجراءاتها تعمق كل يوم الانقسامات داخل المجتمع في وتيرة يبدو عليها مايشبه الحرب أكثر من عملية تهدئة وحماية جماعية. نحن أعضاء المجتمع المدني ، اليهود أو من أصل يهودي ، ندعو إلى وقف هذا المنطق القاتل… »